موقع عيندارا

موقع عيندارا
=======
يقع موقع عيندارا الأثرى غربي قرية عيندارا الحالية بمسافة / 1 / كم. وعلى مسافة / 5 / كم جنوبي مدينة عفرين. تحيط به سهول خصبة من ثلاث جهات، ويحده نهر عفرين من الغرب على بعد بضع مئات من الأمتار منه. كما يخترق الموقع جدول ماء نبع عيندرا، الذي يأخذ مجراه من بحيرتها الصغيرة، ليصب في نهر عفرين غربي التل.
يتألف هذا الموقع الأثرى الهام من قسمين: جنوبي صغير وقديم، وشمالي كبير، اقل قدما.
1- القسم الجنوبي: وهو مرتفع صغير من الأرض، تبلغ مساحته نحو دونم واحد. يقول الأثريون عنه: بأنه عبارة عن قرية زراعية من العصر الحجري الحديث، سكنها الإنسان منذ حوالي عشرة آلاف عام. إلا أنه لم تجر فيها أعمال تنقيب واسعة، سوى عملية سبر بسيطة أظهرت بعض الأدوات الصوانية، وأحجار بناء، تعود للعصر الحجري الحديث.
2- القسم الشمالي: يتألف هذا القسم من جزأين، شمالي: وهو أرض منبسطة بمساحة / 4600 / مترا مربعا . ويطلق عليها المدينة التحتانية. يقول عنها د.أبو عساف: انه في نهاية الألف الثانية ق.م، أحيطت هذه المدينة بأسوار دفاعية وبأبراج، وكان للمدينة أربعة أبواب في جهاتها الأربعة ولإيزال بقايا سورها موجودا في الناحية الغربية من المدينة. إلا انه لم يجر تنقيب في هذا الجزء إلا في مكان الباب الشمالي، وبعض أماكن السور الغربي. جنوبي: وهو تل عيندارا المعروف، وتبلغ مساحة سطحه 7500 مترا مربعا، ويسميه الأثريون (المدينة الفوقانية) وابرز ما يميز هذا الجزء عن غيره، هو معبده الأثرى المشهور في الجهة الشمالية.
وتختلف الآراء حول تاريخ بناء هذا المعبد . المصادر الرسمية السورية تربطه بالفترة الآرامية، لولا أن معظم الباحثين يرجحون بدايات حثية وهورية للمعبد، حيث يقول د.شعث ص 58: إن المعبد مقام على طراز هيلاني، وهو نمط بناء هوري - ميتاني، وقد ساد هذا الشكل من البناء في سوريا الشمالية بين الفترة / 1200-700 / ق.م، وقد برهنت حفريات عيندارا على الصلة الحضارية الوثيقة التي ربطت مناطق شمال سوريا بالحضارة الحثية. هذا، وقد عثر المنقبون في المعبد على كسرات لكتابات هيروغليفية حثية من الألف الأول ق.م. ويجزم كتاب دليل حلب السياحي: بأن المعبد حثي ويعود إلى الآلف الأول ق.م. كما عثر في حفريات المعبد على لوحة للإله عشتار بالحجم الطبيعي، ولكن كما يقول د.أبو عساف (وهو من الفريق الذي عمل في تنقيبات المعبد والتل): إن الزائر للمعبد يتوق إلى معرفة الرب الذي شيد له هذا المعبد وكرس لعبادته، ولكن لم نعثر على وثائق كتابية بهذا الخصوص. إلا انه من المؤكد، أن وجود تماثيل الأسود في مدخل المعبد، وعلى البوابة، وفي كل محيط المعبد تقريبا، لايدع مجالا للشك بأنها على نمط بناء الشعوب الجبلية /كما يقول مورتكارت (ص 229)/، هؤلاء الذين كانوا يجهزون أبوابهم مبانيهم بممرات مزدانة بأسود من الجانبين وحيوانات خرافية، هدفها حماية هذه الأبواب بطريقة سحرية يعتقدونها. وهذا ما يربط بناء المعبد بفترة ما قبل عام 1200 ق.م، أي فترة وجود الإمبراطورية الحثية على الأقل. فالمعبد الرئيسي في آلالاخ، تم تزيينه في مرحلته الأخيرة بتماثيل على شكل الأسود، نحتت من البازلت، وهي تعود إلى سوية بناء الفترة من 1347 1283 ق.م . وان اقدم نموذح لمثل هذه التماثيل، هي التي كانت قائمة على أبواب قرقميش ( جرابلس).
أما تاريخ استقرار الإنسان في القسم الشمالي من تل عيندارا بجزأيه الشمالي والجنوبي، فإنه يعود إلى الألف الرابعة ق.م، واستمر ذلك حتى العهد العثماني مع فترات انقطاع. على مدافن وجرار وبعض الأختام والأواني الفخارية، وأساسات بيوت مجاورة للمعبد وقد حاولنا جاهدين العثور على مراجع في تاريخ موقع عيندارا في فترة حكم الشعوب الجبلية، فلم نفلح في ذلك، ولهذا السبب سنكتفي بما كتبه د.عساف حول الاستيطان في موقع عيندارا، الذي يبدأ بالفترة الآرامية :
- العصر الآرامي المتأخر 740 - 530 ق.م: من آثار هذه الفترة العثور من الغرب.
- العصر الأخميني (البارسي) 530 - 330 ق.م: من اللقى الأثرية في هذا العصر، دمى أنثوية للربة عشتار، وتميمة من الحجر البللوري، مثل عليها ( أهورامزدا ) الرب الفارسي الممتد مع قرص الشمس المجنح ( د.فاروق- أبحاث..). كما عثرت على البقايا المعمارية لهذه الفترة فوق أنقاض المعبد.
- العصر اليوناني - السلوقي 330 - 80 ق.م: كانت المدينة محصنة ومزدهرة في هذه الفترة، حيث عثر على فخار يوناني، وكميات كبيرة من الفضة السلوقية.
- الفترة الرومانية البيزنطية: لم يعثر في الموقع على آثار تدل على انه كان مسكونا في هذا العصر. ويبدوا أن المركز الإداري للمنطقة كان منقولا في هذه الفترة من عيندارا إلى باسوطة المجاورة.
- العصر الأموي - العباسي: عادت الحياة إلى هذا الموقع من جديد، واشتغل أهلها بالزراعة، واستخدموا النورج والمحراث الخشبي ذو النصل الحديدية، مثلما كان عليه الحال في جبل ليلون قبل ثلاثة عقود من السنين فقط، ثم اختفت تلك الوسائل الزراعية بحلول الوسائل الحديدية. واستمر ازدهار المدينة بعد خضوعها ثانية للبيزنطيين عام / 969 / م (أيام الدولة الحمدانية)، حيث وجدت فيها مبان جيدة، ومنشآت عامة، ومعاصر للزيتون، وأفران لصناعة الخبز وصهر الحديد. وعثر في الموقع، على آثار كنيسة القرية وعلى العديد من الصلبان البرونزية في الكنيسة، وفي البيوت وعلى الكثير من أدوات الفلاحة، كالمحاريث والمناجل والمقصات الحديدية وغيرها. ومن أهم اللقى الأثرية كمية من النقود الذهبية في المنازل المحترقة، تعود إلى قياصرة بيزنطيين. وفي هذا العصر كان السور الدفاعي للقرية منيعا ذا أبراج قوية، وقد أنشئ حصن في الزاوية الجنوبية من التل.
- العصر المملوكي: بعد تراجع الحكم البيزنطي أمام دخول السلاجقة الأتراك إلى شمال سوريا وأواسط الأناضول في عام 1086 م، أحرقت القرية البيزنطية في عين دارا، ودمرت تدميرا شاملا وأقيمت فوق أنقاضها بيوت جديدة، ولكنها هي الأخرى هجرت بعد فترة قصيرة وتحولت القرية (المدينة) إلى أطلال متناثرة، يزرع في مكانها الشعير، كما يقول المثل الكردي.
وقد تم التنقيب في موقع عيندارا، من قبل بعثة وطنية سورية، لأول مرة في عام 1954. وتوالت الاكتشافات خلال عدة مواسم عمل، فاكتشف هذا المعبد الهام في أواخر الستينات.

المراجع ومصادر الموقع
  1. د.شوقي شعث قلعة سمعان.
  2. انطوان مورتكارت - تاريخ الشرق الأدنى.
  3. د. فاروق إسماعيل - أبحاث الندوة العالمية.
  4. ع. حجار - كنيسة مار سمعان.
  5. توفيق سليمان - حضارات غرب آسيا.
  6. دليل حلب السياحي 1997
  7. مخطوطة للدكتور محمد عبدو علي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشائر و العائلات

الأشجار المعمرة في منطقة عفرين